تعملون خبير (29) ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير (30) ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور (31) وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور (32) قوله تعالى: (ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة) سبب نزولها أن أبي بن خلف في آخرين من قريش قالوا للنبي صلى الله عليه و آله و سلم: إن الله [عز وجل] خلقنا أطوارا: نطفة، علقة، مضغة، عظاما لحما، ثم تزعم أنا نبعث خلقا جديدا جميعا في ساعة واحدة؟! فنزلت هذه الآية ومعناها: ما خلقكم أيها الناس جميعا في القدرة إلا كخلق نفس واحدة، ولا بعثكم جميعا في القدرة إلا كبعث نفس واحدة، قاله مقاتل.
وما بعد هذا قد تقدم تفسيره إلى قوله [تعالى]: (ألم تر أن الفلك) تجري في البحر بنعمة الله) قال ابن عباس: من نعمه جريان الفلك (ليريكم من آياته) أي: ليريكم من صنعه عجائبه في البحر، وابتغاء الرزق (إن في ذلك لآيات لكل صبار) قال مقاتل: أي: لكل صبور على أمر الله [عز وجل]: (شكور) في نعمه.
و قوله تعالى: (و إذا غشيهم) يعني الكفار، وقال بعضهم: هو عام في الكفار والمسلمين (موج كالظل) قال ابن قتيبة: وهي جمع ظلة، يراد أن بعضه فوق بعض، فله سواد من كثرته.
قوله تعالى: (دعوا الله مخلصين له الدين) وقد سبق شرح هذا المعنى فإنهم يذكرون الله وحده. وجاء في الحديث أن عكرمة بن أبي جهل لما هرب يوم الفتح من رسول الله [صلى الله عليه و آله و سلم] ركب البحر فأصابتهم ريح عاصف، فقال أهل السفينة: أخلصوا، فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا هاهنا، فقال عكرمة: ما هذا الذي تقولون، فقالوا: هذا مكان لا ينفع فيه إلا الله [تعالى]: فقال: هذا إله محمد الذي كان يدعونا إليه، لئن لم ينجني في البحر إلا الإخلاص ما ينجيني في البر غيره، ارجعوا بنا، فرجع فأسلم.
قوله تعالى: (فمنهم مقتصد) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: مؤمن، قاله الحسن.