الدعاء إذا ولوا مدبرين (52) وما أنت بهد العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون (53) الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير (54) ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون (55) وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون (56) فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون (57) قوله تعالى: (يرسل الرياح) وقرأ ابن مسعود، وأبو رجاء، والنخعي، وطلحة بن مصرف، والأعمش: " يرسل الريح " بغير ألف.
قوله تعالى: ((فتثير سحابا) أي: تزعجه (فيبسطه) الله (في السماء كيف يشاء) إن شاء بسطة مسيرة يوم أو يومين أو أقل أو أكثر (ويجعله كسفا) أي: قطعا متفرقة. والأكثرون فتحوا سين " كسفا "، وقرأ أبو رزين، وقتادة، وابن عامر، وأبو جعفر، وابن أبي عبلة: بتسكينها، قال أبو علي: يمكن ان يكون مثل سدرة وسدر، فيكون معنى القراءتين واحدا (فترى الودق يخرج من خلاله) وقرأ ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، وأبو العالية: " من خلله "، وقد شرحناه في النور:
(فإذا أصاب به) أي: بالودق، ومعنى (يستبشرون) يفرحون بالمطر، (و إن كانوا من قبل أن ينزل عليهم) المطر (من قبله) وفي هذا التكرير ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه للتأكيد، كقوله [تعالى]: (فسجد الملائكة كلهم أجمعون) قاله الأخفش في آخرين.
والثاني: أن " قبل " الأولى للتنزيل، والثانية للمطر، قاله قطرب. قال ابن الأنباري: والمعنى:
من قبل نزول المطر، من قبل المطر، وهذا مثل ما يقول القائل: آتيك من قبل أن تتكلم، من قبل أن تطمئن في مجلسك، فلا تنكر الإعادة، لاختلاف الشيئين.
والثالث: أن الهاء في قوله [تعالى]: " من قبله " ترجع إلى الهدى وإن لم يتقدم له ذكر، فيكون المعنى: كانوا يقطنون من قبل نزول المطر، من قبل الهدى، فلما جاء الهدى والإسلام زال القنوط،