ممتزجين وأن تكون اليوم دنيا وألا تكون دنيا لوجود الامتزاج والتباين اللذين كانت لأحدهما ولم تكن للآخر وهذا جهل.
وإن قالوا إن تباين الأصلين محدث وامتزاجهما محدث قيل لهم فهل ينفك الأصلان من التباين والامتزاج فإن قالوا نعم تركوا قولهم بتباين الأصلين في القدم وإن قالوا لا قيل لهم فيجب القضاء على حدوث النور والظلام إذا كانا لا ينفكان من حادثين ولا يخلوان منهما وكنا قد بينا أن ما لم ينفك من المحدث ولم يسبقه فهو محدث.
وإن قالوا لا غاية لتباين الأصلين وامتزاجهما وإن كانا حادثين ولا تباين إلا وقبله امتزاج ولا امتزاج وقبله تباين أبدا لا أول لذلك ولا غاية قيل لهم فمحال على قولكم هذا أن الدنيا لم تكن في الأزل لأن الامتزاج على قولكم هذا لا أول له ولا شيء منه إلا وقد كان قبله مثله وتباين يخالفه إلى غير غاية.
ثم يقال لهم ولمن قال بذلك من أهل الدهر إن قولكم لا أول للحوادث يقتضي قدمها وأنها لم تكن عن عدم وقولكم فيها إنها حوادث نقض لذلك لأن القول حوادث هو جمع حادث والحادث حقيقته أنه ما وجد عن عدم فحقيقة الجمع الذي يقع عليه الاسم أنه موجود عن عدم.
ومن المحال أن يدخل في جمع الحوادث ما لا أول لوجوده فمحال إذا قولكم إن ما وقع عليه قولكم حوادث لا أول له أو منه ما لا أول له ولا جواب لهم عن ذلك.