كل ذلك منهم إنكار لقتل عثمان وإعظام له ورزية به. فلما حلف أهل الفتنة على الفتك بأهل المدينة وإلقاح الفتنة وردها جذعة اجتمع وجوه المهاجرين والأنصار عشية اليوم الثالث على ما روي من قتل عثمان فسألوا عليا هذا الأمر وأقسموا عليه فيه وناشدوه الله في حفظ بقية الأمة وصيانة دار الهجرة فدخل في ذلك بعد شدة وبعد أن رآه مصلحة ورأى القوم ذلك لعلمهم وعلمه بأنه أعلم من بقي وأفضلهم وأولاهم بهذا الأمر فمد يده وبايعه جماعة من حضر منهم خزيمة بن ثابت وأبو الهيثم بن التيهان ومحمد بن مسلمة وعمار في رجال يكثر عددهم من المهاجرين والأنصار وهذا من أصح العقود وأثبتها لأن المعقود له أفضل من بقي ومن ذكرناه من العاقدين بصفة من يملك عقد الإمامة في الفضل والسابقة فوجب بذلك تمام بيعته وصحة إمامته.
فإن قال قائل أفليس قد روي أن عليا حضر المسجد ثاني هذا اليوم غدوة فاجتمع أهل المدينة إليه وأحضر طلحة والزبير مكرهين فأخرج أولا طلحة من بيته وأهل البصرة قد حفوا به وحكيم بن جبلة العبدي يحدوه بالسيف من خلفه ثم أخرج الزبير وقد أحدق به أهل الكوفة وملك الأشتر يحدوه بالسيف من خلفه حدوا حتى أحضر المسجد وخطب علي خطبته المشهورة ووصف دخوله في هذا الأمر وقيل لطلحة بايع فبايع مكرها وصفق على يد علي بيده الشلاء فقال قائل من أخريات الناس لا إله إلا الله!