ضرورة كما علمنا أن أبا بكر تقدم ضرورة وإنما اختلف في أن أبا بكر صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم أو صلى به النبي صلى الله عليه وسلم صلاة واحدة ذكر ذلك فيها وصلى بهم بقية أيام مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى الثبت الثقات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ما من نبي يموت حتى يؤمه رجل من قومه) وأن أبا بكر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الذي عناه أبو بكر بقوله (وليتكم ولست بخيركم إني وليتكم الصلاة ورسول الله صلى الله عليه وسلم حاضر) ولعمري إنه لا يجوز أن يكون خير قوم فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا معتبر في هذا الأمر العظيم بتلفيق المخالفين وتمنيهم الأباطيل وتلقهم بروايات ترد خاصة منهم ولهم لا يعلمها غيرهم.
على أنه لو يعلم جميع هذا من حاله ولم يتقدم له شيء مما ذكرناه من فضائله ومناقبه لكان ما ظهر منه بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم من العلم والفضل والشدة في القول والفعل وتحصيل ما ذهب على غيره دلالة على اجتماع خلال الفضل والإمامة فيه بل لو لم يدل على ذلك من أمره إلا ما ظهر منه من التثقيف والتقدم والتشدد وسد الخلل وقمع الردة وأهلها في أيام نظره لكان في ذلك مقنع لمن وفق لرشده.
فأول ما ظهر من فضله وتسديد رأيه إعلام الناس موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفه عمر وغيره ممن تشتت آراؤهم في موته وفجئتهم