فإن قالوا فما معنى قوله صلى الله عليه وسلم إلا إنه لا نبي بعدي وكيف يجوز أن يقول أما ترضى أن تخلفني في قومي وفي أيام حياتي إلا أنه لا نبي بعدي قيل لهم لم يرد بقوله بعدي بعد وفاتي وإنما أراد لا نبوة بعد نبوتي ولا معي ولا بعدي وهذا كما يقل القائل لا ناصر لك بعد فلان ولا بيان لك بعد هذا الكلام يريد أنه لا نصرة لك بعد نصرة فلان لا في حباته ولا بعد موته وكذلك قولهم لا بيان لهم بعد هذا الكلام يريد لا بيان معه يزيد عليه ولا بعده فإن قالوا حمل الكلام على هذا التأويل يجعله مجازا لأن قوله لا نبي بعدي يقتضي بعد عينه وأنتم تقولون بعد نبوته ونبوته غيره قيل لهم هذا هو مفهوم الكلام الذي هو أولى به من معناه فهو إذا كان كذلك حقيقة فالمعقول منه أولى به من حمله على ما ليس من مفهومه ثم يقال لهم وأنتم أيضا قد تركتم الظاهر وحملتم الكلام على المجاز لأنكم تزعمون أنه أراد بقوله لا نبي بعدي أي بعد موتي وموت النبي صلى الله عليه وسلم غيره كما أن حركته وسكونه ولونه غيره وأنتم بمنزلة من قال لا نبي بعد حركتي وصفة من صفاتي وذلك تجوز في الكلام. وإذا كان لا بد من ترك الظاهر فتركه إلى المعقول من معناه من استعمال أهل اللغة أولى.
فإن قالوا فإذا زعمتم أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بهذا القول استخلافه على أهل المدينة فهو على ولايته إلى أن يصرفه النبي صلى الله عليه وسلم وما روى أحد صرفه قيل لهم هذا من التعاليل لأن تولي النبي صلى الله عليه وسلم للأمور والإنفاذ لها والاستبداد بالنظر فيها عند رجوعه إلى المدينة صرف له مع أنه ليس في الأمة من يقول إن النظر والحكم والتولية كان لعلي عليه السلام في المدينة عند عود النبي صلى الله عليه وسلم إليها من هذه الغزوة فلا متعلق لأحد في هذا.
ثم يقال لهم فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولى في أيام