وإذا حملت هذه الأخبار على هذا التأويل بطل التعارض.
وقد روى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة) قال فقلت يا رسول الله وإن زنى وإن سرق وأنه ردد ذلك عليه حتى قال له في الثانية أو الثالثة نعم وإن رغم أنف أبي الدرداء) وإذا كان ذلك كذلك وجب حمل هذه الأخبار على البناء والترتيب كما يجب ذلك في آي القرآن المتعارضة الظواهر.
فإن قالوا فما معنى قوله «ولا يشفعون إلا لمن ارتضى»؟.
قيل لهم معناه ولا يشفعون إلا لمن رضي الله سبحانه أن يشفعوا وأذن فيه. ولم يرد بذلك أنهم لا يشفعون إلا لمن رضي عمله لأن من رضي الله سائر عمله لا يحتاج إلى الشفاعة.
ويحتمل أيضا أن يكون أراد أنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى عمله الذي هو غير ذنبه الذي يستوجب به العقاب. فكأنه قال لا يشفعون إلا لمن معه عمل مرتضى.
والفاسق معه طاعات وبر وقرب وتصديق وتوحيد وذلك أجمع مرتضى منه. وإنما تدل هذه الآية على أنه لا شفاعة لكافر لأن الكافر لا طاعة معه.