قيل له لأن الشيئين إنما يتضادان في محل واحد. وقد علمنا أن ما يوجد بالجوارح لا يجوز أن ينفي علما وتصديقا يوجد بالقلب. فثبت أنه غير مضاد للعلم بالله والتصديق له. والدليل على ذلك أنه قد يعزم على معصية الرسول صلى الله عليه وسلم بقلبه من لا ينفي عزمه على ذلك معرفة النبي صلى الله عليه وسلم وتصديقه له.
وكذلك حكم القول في العزم على معصية الله عز وجل وأنه غير مضاد لمعرفته والعلم به والتصديق له هو الإيمان لا غير. فصح بذلك اجتماع الفسق الذي ليس بكفر مع الإيمان وأنهما غير متضادين.
فإن قال ولم قلتم إنه يجب أن يسمى الفاسق الملي بما فيه من الإيمان مؤمنا؟.
قيل له لأن أهل اللغة إنما يشتقون هذا الاسم للمسمى به من وجود الإيمان به. فلما كان الإيمان موجودا بالفاسق الذي وصفنا حاله وجب أن يسمى مؤمنا كما أنه لما لم يضاد ما فيه من الإيمان فسقه الذي ليس بكفر وجب أن يسمى به فاسقا. وأهل اللغة متفقون على أن اجتماع الوصفين المختلفين لا يوجب منع اشتقاق الأسماء منهما ومن أحدهما. فوجب بذلك ما قلناه.
فإن قال قائل فما أنكرتم أن يكون حكم اللغة ما ذكرتم غير