دليل على سقوط هذا السؤال. ولأن ذلك لو كان كذلك لوجب قبح هذا الضرر من كل من وجد منه وكان لا معتبر باختلاف فاعليه وتباين محالة. ألا ترى أن الحركة التي تكون حركة لنفسها يجب أن تكون أبدا حركة حيث وجدت وهذا يوجب أن يكون الكلب والسبع وسائر الحيوان الذي لا يعقل ظالما راكبا للقبيح مستحقا للذم والتأنيب وأن يكون عاصيا فاسقا بإيلامه للغير على هذه السبيل. وفي الاتفاق على فساد ذلك دليل على سقوط ما سألت عنه. ولأنه لو كان الأمر على ما وصفت لم يكن الجهل والكذب قبيحين لأنهما ليسا بألم هذه سبيله. وقد بينا من قبل أن الحكم العقلي الواجب لعلة ولوجه مخصوص لا يجوز ثبوته لبعض من هو حكم له بغير تلك العلة وذاك الوجه لأن ذلك نقض للعلل وإبطال لها. فبطل بذلك ما قلت.
فإن قال قائل فهل يصح على قولكم هذا أن يؤلم الله سبحانه سائر النبيين وينعم سائر الكفرة والعاصين من جهة العقل قبل ورود السمع؟.
قيل له أجل له ذلك. ولو فعله لكان جائزا منه غير مستنكر من فعله.
فإن قال فما الذي يؤمنكم من تعذيبه المؤمنين وتنعيمه الكافرين.