والنواحي كخيبر وغيرها لم يجب أن يكون إنكار من أنكر ذلك من اليهود والنصارى حجة في إبطاله لأنهم إما ألا يكون حضر معه في أكثرها أحد منهم أصلا أو أن يكون حضر منهم الواحد والاثنان والخمسة أو العدد الذي يجوز عليهم الكذب وعلى مثلهم افتعاله والكتمان لما سمع وشوهد وإذا كان ذلك كذلك بطل هذا الاعتراض بطلانا ظاهرا.
فأما العلم بظهور القرآن على يده ومجيئه من جهته فضرورة لا إشكال فيها ولا جدال.
فإن قال قائل: فما وجه دلالة ظهور القرآن على يده مما يدل على صدقه قيل له: وجه ذلك من طريقين أحدهما نظمه وبراعته والثاني ما انطوى عليه من أخبار الغيوب وعلمها فأما وجه الدلالة من جهة نظمه فهو أنا نعلم أنه صلى الله عليه وسلم تحدى العرب بأن تأتي بمثله في براعته وفصاحته وحسن تأليفه ونظمه وجزالته ورصانته وإيجازه واختصاره واشتمال اللفظ اليسير منه على المعاني الكثيرة ودعاهم إلى ذلك وطالبهم به في أيام المواسم وغيرها مجتمعين ومتفرقين فقال لهم في نص التلاوة: «قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا» يقول: مواليا معينا وقال: «فأتوا بعشر سور مثله مفتريات» وقال «فأتوا بسورة من مثله» مبالغة في تقريعهم بالعجز عنه مع