(وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) يقول جل ثناؤه: وما أكثر مشركي قومك يا محمد، و لو حرصت على أن يؤمنوا بك فيصدقوك، ويتبعوا ما جئتهم به من عند ربك بمصدقيك ولا متبعيك. القول في تأويل قوله تعالى:
(وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للعالمين) يقول تعالى ذكره لمحمد (ص): وما تسأل يا محمد هؤلاء الذين ينكرون نبوتك ويمتنعون من تصديقك والاقرار بما جئتهم به من عند ربك على ما تدعوهم إليه من إخلاص العبادة لربك وهجر عبادة الأوثان وطاعة الرحمن من أجر يعني من ثواب وجزاء منهم، بل إنما ثوابك وأجر عملك على الله، يقول: ما تسألهم على ذلك ثوابا، فيقولوا لك: إنما تريد بدعائك إيانا إلى اتباعك لننزل لك عن أموالنا إذا سألتنا ذلك، وإذ كنت لا تسألهم ذلك فقد كان حقا عليهم أن يعلموا أنك إنما تدعوهم إلى ما تدعوهم إليه اتباعا منك لأمر ربك ونصيحة منك لهم، وأن لا يستغشوك.
وقوله: إن هو إلا ذكر للعالمين يقول تعالى ذكره: ما هذا الذي أرسلك به ربك يا محمد من النبوة والرسالة إلا ذكر، يقول: إلا عظة وتذكير للعالمين، ليتعظوا ويتذكروا به. القول في تأويل قوله تعالى:
(وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون) يقول جل وعز: وكم من آية في السماوات والأرض لله، وعبرة وحجة، و ذلك كالشمس والقمر والنجوم ونحو ذلك من آيات السماوات وكالجبال والبحار والنبات والأشجار، وغير ذلك من آيات الأرض يمرون عليها يقول: يعاينونها فيمرون بها معرضين عنها لا يعتبرون بها ولا يفكرون فيها وفيما دلت عليه من توحيد ربها، وأن الألوهة لا تنبغي إلا للواحد القهار الذي خلقها وخلق كل شئ فدبرها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: وكأين من آية