كفر هؤلاء الذين أرسلتك إليهم يا محمد بالرحمن، فقل: أنت الله ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب يقول: وإليه مرجعي وأوبتي. وهو مصدر من قول القائل: تبت متابا وتوبة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وهم يكفرون بالرحمن ذكر لنا أن نبي الله (ص) زمن الحديبية حين صالح قريشا كتب: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله. فقال مشركو قريش: لئن كنت رسول الله (ص) ثم قاتلناك لقد ظلمناك، ولكن اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله. فقال أصحاب رسول الله (ص): دعنا يا رسول الله نقاتلهم فقال: لا، ولكن اكتبوا كما يريدون إني محمد بن عبد الله فلما كتب الكاتب: بسم الله الرحمن الرحيم، قالت قريش: أما الرحمن فلا نعرفه وكان أهل الجاهلية يكتبون: باسمك اللهم، فقال أصحابه:
يا رسول الله دعنا نقاتلهم قال: لا ولكن اكتبوا كما يريدون.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: قوله: كذلك أرسلناك في أمة قد خلت... الآية، قال: هذا لما كاتب رسول الله (ص) قريشا في الحديبية كتب: بسم الله الرحمن الرحيم، قالوا: لا تكتب الرحمن، وما ندري ما الرحمن، ولا نكتب إلا باسمك اللهم قال الله: وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو... الآية. القول في تأويل قوله تعالى:
(ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الامر جميعا أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد) اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: وهم يكفرون بالرحمن ولو أن قرآنا سيرت به الجبال: أي يكفرون بالله ولو سير لهم الجبال بهذا القرآن.
وقالوا: هو من المؤخر الذي معناه التقديم. وجعلوا جواب لو مقدما قبلها، وذلك أن