واختلفت القراء في قراءة قوله: فالله خير حافظا فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة وبعض الكوفيين والبصريين: فالله خير حفظا بمعنى: والله خيركم حفظا. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين وبعض أهل مكة: فالله خير حافظا بالألف على توجيه الحافظ إلى أنه تفسير للخير، كما يقال: هو خير رجلا، والمعنى: فالله خيركم حافظا، ثم حذفت الكاف والميم.
و الصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى قد قرأ بكل واحدة منهما أهل علم بالقرآن. فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وذلك أن من وصف الله بأنه خيرهم حفظا فقد وصفه بأنه خيرهم حافظا، ومن وصفه بأنه خيرهم حافظا فقد وصفه بأنه خيرهم حفظا. وهو أرحم الراحمين يقول: والله أرحم راحم بخلقه، يرحم ضعفي على كبر سني، ووحدتي بفقد ولدي، فلا يضيعه، ولكنه يحفظه حتى يرده علي لرحمته. القول في تأويل قوله تعالى:
(ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يأبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير) يقول تعالى ذكره: ولما فتح إخوة يوسف متاعهم الذي حملوه من مصر من عند يوسف، وجدوا بضاعتهم، وذلك ثمن الطعام الذي اكتالوه منه ردت إليهم. قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا يعني أنهم قالوا لأبيهم: ماذا نبغي؟ هذه بضاعتنا ردت إلينا تطييبا منهم لنفسه بما صنع بهم في رد بضاعتهم إليه. وإذا وجه الكلام إلى هذا المعنى كانت ما استفهاما في موضع نصب بقوله: نبغي. وإلى هذا التأويل كان يوجهه قتادة.
14887 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ما نبغي يقول: ما نبغي وراء هذا، إن بضاعتنا ردت إلينا، وقد أوفى لنا الكيل.
وقوله: ونمير أهلنا يقول: ونطلب لأهلنا طعاما فنشتريه لهم، يقال منه: مار فلان أهله يميرهم ميرا، ومنه قول الشاعر: