حتى إذا برز اللواء رأيته * تحت اللواء على الخميس زعيما القول في تأويل قوله تعالى: * (قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين) * يقول تعالى ذكره: قال إخوة يوسف: تالله يعني: والله. وهذه التاء في تالله إنما هي واو قلبت تاء كما فعل ذلك في التورية وهي من وريت، والتراث وهي من ورثت، والتخمة وهي من الوخامة قلبت الواو في ذلك كله تاء. والواو في هذه الحروف كلها من الأسماء، وليست كذلك في تالله، لأنها إنما هي واو القسم، وإنما جعلت تاء لكثرة ما جرى على ألسن العرب في الايمان في قولهم والله، فخصت في هذه الكلمة بأن قلبت تاء. ومن قال ذلك في اسم الله، فقال: تالله لم يقل تالرحمن وتالرحيم، ولا مع شئ من أسماء الله، ولا مع شئ مما يقسم به، ولا يقال ذلك إلا في تالله وحده.
وقوله: لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض يقول: لقد علمتم ما جئنا لنعصى الله في أرضكم، كذلك كان يقول جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، في قوله: قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض يقول: ما جئنا لنعصى في الأرض.
فإن قال قائل: وكان علم من قيل له لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض بأنهم لم يجيئوا لذلك حتى استجاز قائلو ذلك أن يقولوه؟ قيل: استجازوا أن يقولوا ذلك لأنهم فيما ذكر ردوا البضاعة التي وجدوها في رحالهم، فقالوا: لو كنا سراقا لم نرد عليكم البضاعة التي وجدوناها في رحالنا. وقيل: إنهم كانوا قد عرفوا في طريقهم ومسيرهم أنهم لا يظلمون