14886 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: خرجوا حتى قدموا على أبيهم، وكان منزلهم فيما ذكر لي بعض أهل العلم بالعربات من أرض فلسطين بغور الشام. وبعض يقول: بالأولاج من ناحية الشعب أسفل من حسمى، وكان صاحب بادية له شاء وإبل، فقالوا: يا أبانا قدمنا على خير رجل أنزلنا فأكرم منزلنا وكال لنا فأوفانا ولم يبخسنا، وقد أمرنا أن نأتيه بأخ لنا من أبينا، وقال: إن أنتم لم تفعلوا فلا تقربني ولا تدخلن بلدي فقال لهم يعقوب: هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.
واختلفت القراء في قراءة قوله: نكتل، فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة وبعض أهل مكة والكوفة نكتل بالنون، بمعنى: نكتل نحن وهو. وقرأ ذلك عامة قراء أهل الكوفة: يكتل بالياء، بمعنى يكتل هو لنفسه كما نكتال لأنفسنا.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان متفقتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب. وذلك أنهم إنما أخبروا أباهم أنه منع منهم زيادة الكيل على عدد رؤوسهم، فقالوا: يا أبانا منع منا الكيل ثم سألوه أن يرسل معهم أخاهم ليكتال لنفسه، فهو إذا اكتال لنفسه واكتالوا هم لأنفسهم، فقد دخل الأخ في عددهم. فسواء كان الخبر بذلك عن خاصة نفسه، أو عن جميعهم بلفظ الجميع، إذ كان مفهوما معنى الكلام وما أريد به. القول في تأويل قوله تعالى:
(قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين) يقول تعالى ذكره: قال أبوهم يعقوب: هل آمنكم على أخيكم من أبيكم الذي تسألوني أن أرسله معكم إلا كما أمنتكم على أخيه يوسف من قبل؟ يقول: من قبله.