وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم ثم أخبرهم أن الله أعلمهم إن شكروه على هذه النعمة زادهم، فالواجب في المفهوم أن يكون معنى الكلام: زادهم من نعمه، لا مما لم يجر له ذكر من الطاعة، إلا أن يكون أريد به: لئن شكرتم فأطعتموني بالشكر لأزيدنكم من أسباب الشكر ما يعينكم عليه، فيكون ذلك وجها.
وقوله: ولئن كفرتم إن عذابي لشديد يقول: ولئن كفرتم أيها القوم نعمة الله، فجحدتموها، بترك شكره عليها، وخلافه في أمره ونهيه وركوبكم معاصيه إن عذابي لشديد: أعذبكم كما أعذب من كفر بي من خلقي. وكان بعض البصريين يقول في معنى قوله: وإذ تأذن ربكم وتأذن ربكم. ويقول: إذ من حروف الزوائد. وقد دللنا على فساد ذلك فيما مضى قبل. القول في تأويل قوله تعالى:
(وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد) يقول تعالى ذكر ه: وقال موسى لقومه: إن تكفروا أيها القوم، فتجحدوا نعمة الله التي أنعمها عليكم أنتم، ويفعل في ذلك مثل فعلكم من في الأرض جميعا فإن الله لغني عنكم وعنهم من جميع خلقه، لا حاجة به إلى شكركم إياه على نعمه عند جميعكم، حميد ذو حمد إلى خلقه بما أنعم به عليهم. كما:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن هاشم، قال:
أخبرنا سيف، عن أبي روق عن أبي أيوب، عن علي: فإن الله لغني قال: غني عن خلقه، حميد قال: مستحمد إليهم. القول في تأويل قوله تعالى:
(ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل موسى لقومه: يا قوم ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم يقول: خبر الذين من قبلكم من الأمم التي مضت قبلكم، قوم نوح وعاد وثمود وقوم عاد فبين بهم عن الذين، وعاد معطوف بها على قوم نوح. والذين من بعدهم