حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: وتصدق علينا قال: رد إلينا أخانا.
وهذا القول الذي ذكرناه عن ابن جريج، وإن كان قولا له وجه، فليس بالقول المختار في تأويل قوله: وتصدق علينا لان الصدقة في المتعارف: إنما هي إعطاء الرجل ذا الحاجة بعض أملاكه ابتغاء ثواب الله عليه، وإن كان كل معروف صدقة، فتوجيه تأويل كلام الله إلى الأغلب من معناه في كلام من نزل القرآن بلسانه أولى وأحرى.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال مجاهد.
حدثني الحارث، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن عثمان بن الأسود، قال: سمعت مجاهدا، وسئل: هل يكره أن يقول الرجل في دعائه:
اللهم تصدق علي؟ فقال: نعم، إنما الصدقة لمن يبغي الثواب. القول في تأويل قوله تعالى:
(قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون) ذكر أن يوسف صلوات الله وسلامه عليه لما قال له إخوته: يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين أدركته الرقة وباح لهم بما كان يكتمهم من شأنه. كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ذكر لي أنهم لما كلموه بهذا الكلام غلبته نفسه، فارفض دمعه باكيا، ثم باح لهم بالذي يكتم منهم، فقال: هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون؟ ولم يعن بذكر أخيه ما صنعه هو فيه حين أخذه، ولكن للتفريق بينه وبين أخيه، إذ صنعوا بيوسف ما صنعوا.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر... الآية، قال: فرحمهم عند ذلك، فقال لهم: هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون؟
فتأويل الكلام: هل تذكرون ما فعلتم بيوسف وأخيه، إذ فرقتم بينهما وصنعتم ما صنعتم إذ أنتم جاهلون، يعني في حال جهلكم بعاقبة ما تفعلون بيوسف، وما إليه صائر أمره وأمركم؟ القول في تأويل قوله تعالى: