شيخا يحدث سعيد بن جبير، قال: بشر إبراهيم بعد سبع عشرة ومئة سنة. القول في تأويل قوله تعالى:
(رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء) يقول: رب اجعلني مؤديا ما ألزمتني من فريضتك التي فرضتها علي من الصلاة.
ومن ذريتي يقول: واجعل أيضا من ذريتي مقيمي الصلاة لك. ربنا وتقبل دعاء يقول: ربنا وتقبل عملي الذي أعمله لك وعبادتي إياك. وهذا نظير الخبر الذي روي عن رسول الله (ص) أنه قال: إن الدعاء هو العبادة ثم قرأ: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين. القول في تأويل قوله تعالى:
(ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) وهذا دعاء من إبراهيم صلوات الله عليه لوالديه بالمغفرة، واستغفار منه لهما. وقد أخبر الله عز ذكره أنه لم يكن استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو الله تبرأ منه إن إبراهيم لاواه حليم.
وقد بينا وقت تبرئه منه فيما مضى، بما أغنى عن إعادته.
وقوله: وللمؤمنين يقول: وللمؤمنين بك ممن تبعني على الدين الذي أنا عليه، فأطاعك في أمرك ونهيك. وقوله: يوم يقوم الحساب يعني: يقوم الناس للحساب فاكتفى بذكر الحساب من ذكر الناس، إذ كان مفهوما معناه. القول في تأويل قوله تعالى:
(ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار ئ مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء)