(لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شئ وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) يقول تعالى ذكره: لقد كان في قصص يو سف وإخوته عبرة لأهل الحجا والعقول، يعتبرون بها وموعظة يتعظون بها وذلك أن الله جل ثناؤه بعد أن ألقي يوسف في الجب ليهلك، ثم بيع بيع العبيد بالخسيس من الثمن، وبعد الإسار والحبس الطويل ملكه مصر ومكن له في الأرض وأعلاه على من بغاه سوءا من إخوته، وجمع بينه وبين والديه وإخوته بقدرته بعد المدة الطويلة، وجاء بهم إليه من الشقة النائية البعيدة. فقال جل ثناؤه للمشركين من قريش من قوم نبيه محمد (ص): لقد كان لكم أيها القوم في قصصهم عبرة لو اعتبرتم به، أن الذي فعل ذلك بيوسف وإخوته لا يتعذر عليه أن يفعل مثله بمحمد (ص)، فيخرجه من بين أظهركم ثم يظهره عليكم ويمكن له في البلاد ويؤيده بالجند والرجال من الاتباع والأصحاب، وإن مرت به شدائد وأتت دونه الأيام والليالي والدهور والأزمان.
وكان مجاهد يقول: معنى ذلك: لقد كان في قصصهم عبرة ليوسف وإخوته. ذكر الرواية بذلك:
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: لقد كان في قصصهم عبرة ليوسف وإخوته.
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: عبرة ليوسف وإخوته.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب قال: يوسف وإخوته.
وهذا القول الذي قاله مجاهد وإن كان له وجه يحتمله التأويل، فإن الذي قلنا في ذلك أولى به لان ذلك عقيب الخبر عن نبينا (ص) وعن قومه من المشركين، وعقيب تهديدهم ووعيدهم على الكفر بالله وبرسوله محمد (ص)، ومنقطع عن خبر يوسف وإخوته، ومع ذلك أنه خبر عام عن جميع ذوي الألباب، أن قصصهم لهم عبرة، وغير مخصوص