(والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار) يقول تعالى ذكره: والذين صبروا على الوفاء بعهد الله وترك نقض الميثاق وصلة الرحم، ابتغاء وجه ربهم ويعني بقوله: ابتغاء وجه ربهم طلب تعظيم الله، و تنزيها له أن يخالف في أمره أو يأتي أمرا كره إتيانه فيعصيه به. وأقاموا الصلاة يقول: وأدوا الصلاة المفروضة بحدودها في أوقاتها. وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يقول: وأدوا من أموالهم زكاتها المفروضة، وأنفقوا منها في السبل التي أمرهم الله بالنفقة فيها، سرا في خفاء وعلانية في الظاهر. كما:
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: وأقاموا الصلاة يعني الصلوات الخمس، وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يقول الزكاة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد الصبر:
الإقامة، قال: وقال الصبر في هاتين، فصبر لله على ما أحب وإن ثقل على الأنفس والأبدان، وصبر عما يكره وإن نازعت إليه الأهواء، فمن كان هكذا فهو من الصابرين.
وقرأ: سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار.
وقوله: ويدرءون بالحسنة السيئة يقول: ويدفعون إساءة من أساء إليهم من الناس، بالاحسان إليهم. كما:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
ويدرءون بالحسنة السيئة قال: يدفعون الشر بالخير، لا يكافئون الشر بالشر ولكن يدفعونه بالخير.
وقوله: أولئك لهم عقبى الدار يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين وصفنا صفتهم هم الذين لهم عقبى الدار، يقول: هم الذين أعقبهم الله دار الجنان من دارهم التي لو لم يكونوا مؤمنين كانت لهم في النار، فأعقبهم الله من تلك هذه. وقد قيل: معنى ذلك: أولئك الذين لهم عقيب طاعتهم ربهم في الدنيا دار الجنان. القول في تأويل قوله تعالى: