وقوله: أكلها دائم وظلها يعني: ما يؤكل فيها. يقول: هو دائم لأهلها، لا ينقطع عنهم، ولا يزول ولا يبيد، ولكنه ثابت إلى غير نهاية. وظلها: يقول: وظلها أيضا دائم، لأنه لا شمس فيها. تلك عقبى الذين اتقوا يقول: هذه الجنة التي وصف جل ثناؤه عاقبة الذين اتقوا الله، فاجتنبوا معاصيه وأدوا فرائضه.
وقوله: وعقبى الكافرين النار يقول: وعاقبة الكافرين بالله النار. القول في تأويل قوله تعالى:
(والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أ عبد الله ولا أشرك به إليه أدعو وإليه مآب) يقول تعالى ذكره: والذي أنزلنا إليهم الكتاب ممن آمن بك واتبعك يا محمد يفرحون بما أنزل إليك منه. ومن الأحزاب من ينكر بعضه يقول: ومن أهل الملل المتحزبين عليك، وهم أهل أديان شتى، من ينكر بعض ما أنزل إليك، فقل لهم: إنما أمرت أيها القول أن أ عبد الله وحده دون ما سواه ولا أشرك به فأجعل له شريكا في عبادتي، فأعبد معه الآلهة والأصنام، بل أخلص له الدين حنيفا مسلما. إليه أدعو يقول: إلى طاعته، وإخلاص العبادة له أدعو الناس. وإليه مآب يقول: وإليه مصيري، وهو مفعل من قول القائل: آب يؤوب أوبا ومآبا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك أولئك أصحاب محمد (ص)، فرحوا بكتاب الله وبرسوله وصدقوا به قوله: ومن الأحزاب من ينكر بعضه يعني اليهود والنصارى.
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ومن الأحزاب من ينكر بعضه قال: من أهل الكتاب.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.