بسم الله الرحمن الرحيم القول في تأويل قوله تعالى:
(وما أبرئ نفسي إن النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم) يقول يوسف صلوات الله عليه: وما أبرئ نفسي من الخطأ والزلل فأزكيها. إن النفس لامارة بالسوء يقول: إن النفوس نفوس العباد تأمرهم بما تهواه وإن كان هواها في غير ما فيه رضا الله إلا ما رحم ربي يقول: إلا أن يرحم ربي من شاء من خلقه، فينجيه من اتباع هواها وطاعته فيما تأمره به من السوء. إن ربي غفور رحيم. وما في قوله:
إلا ما رحم ربي في موضع نصب، وذلك أنه استثناء منقطع عما قبله، كقوله: ولا هم ينقذون إلا رحمة منا بمعنى: إلا أن يرحموا، وأن إذا كانت في معنى المصدر تضارع ما.
ويعني بقوله: إن ربي غفور رحيم: أن الله ذو صفح عن ذنوب من تاب من ذنوبه، بتركه عقوبته عليها وفضيحته بها، رحيم به بعد توبته أن يعذبه عليها. وذكر أن يوسف قال هذا القول من أجل أن يوسف لما قال: ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب قال ملك من الملائكة: ولا يوم هممت بها؟ فقال يوسف حينئذ: وما أبرئ نفسي إن النفس لامارة بالسوء. وقد قيل: إن القائل ليوسف: ولا يوم هممت بها فحللت سراويلك؟ هو امرأة العزيز، فأجابها يوسف بهذا الجواب. وقيل: إن يوسف قال ذلك ابتداء من قبل نفسه. ذكر من قال ذلك:
14850 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما جمع الملك النسوة، فسألهن: هل راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق... الآية، قال