الحق والهدى بخذلانه إياه، فما له أحد يهديه لإصابتهما لان ذلك لا ينال إلا بتوفيق الله ومعونته، وذلك بيد الله وإليه دون كل أحد سواه. القول في تأويل قوله تعالى:
(لهم عذاب في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله من واق) يقول تعالى ذكره: لهؤلاء الكفار الذي وصف صفتهم في هذه السورة عذاب في الحياة الدنيا بالقتل والإسار والآفات التي يصيبهم الله بها. ولعذاب الآخرة أشق يقول:
ولتعذيب الله إياهم في الدار الآخرة أشد من تعذيبه إياهم في الدنيا وأشق، إنما هو أفعل من المشقة. وقوله: وما لهم من الله من واق يقول تعالى ذكره: وما لهؤلاء الكفار من أحد يقيهم من عذاب الله إذا عذبهم، لا حميم ولا ولي ولا نصير، لأنه جل جلاله لا يعاده أحد فيقهره فيخلصه من عذابه بالقهر، ولا يشفع عنده أحد إلا بإذنه وليس يأذن لاحد في الشفاعة لمن كفر به فمات على كفره قبل التوبة منه. القول في تأويل قوله تعالى:
(مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار) اختلف أهل العلم بكلام العرب في رافع المثل، فقال بعض نحوي الكوفيين الرافع للمثل قوله: تجري من تحتها الأنهار في المعنى، وقال: هو كما تقول حلية فلان أسمر كذا وكذا، فليس الأسمر بمرفوع بالحلية، إنما هو ابتداء أي هو أسمر هو كذا.
قال: ولو دخل أن في مثل هذا كان صوابا. قال: ومثله في الكلام مثلك أنك كذا وأنك كذا. وقوله: فلينظر الانسان إلى طعامه أنا من وجه: مثل الجنة التي وعد المتقون فيها ومن قال: أنا صببنا الماء أظهر الاسم، لأنه مردود على الطعام بالخفض، ومستأنف، أي: طعامه أنا صببنا ثم فعلنا. وقال: معنى قوله: مثل الجنة: صفات الجنة. وقال بعض نحويي البصريين: معنى ذلك: صفة الجنة، قال: ومنه قول الله تعالى:
وله المثل الأعلى معناه: ولله الصفة العليا. قال: فمعنى الكلام في قوله: مثل