بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. ويزيد ذلك إيضاحا قول الله عز وجل: وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى فسمى الاثنين الذكر والأنثى زوجين. وإنما عنى بقوله: من كل زوجين اثنين: نوعين وضربين.
وقوله: يغشى الليل النهار يقول: يجلل الليل النهار فيلبسه ظلمته، والنهار الليل بضيائه. كما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: يغشي الليل النهار: أي يلبس الليل النهار.
وقوله: إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون يقول تعالى ذكره: إن فيما وصفت وذكرت من عجائب خلق الله وعظيم قدرته التي خلق بها هذه الأشياء، لدلالات وحججا وعظات، لقوم يتفكرون فيها فيستدلون ويعتبرون بها، فيعلمون أن العبادة لا تصلح ولا تجوز إلا لمن خلقها ودبرها دون غيره من الآلهة والأصنام التي لا تقدر على ضر ولا نفع ولا لشئ غيرها، إلا لمن أنشأ ذلك فأحدثه من غير شئ تبارك وتعالى، وأن القدرة التي أبدع بها ذلك هي القدرة التي لا يتعذر عليه إحياء من هلك من خلقه وإعادة ما فني منه وابتداع ما شاء ابتداعه بها. القول في تأويل قوله تعالى:
(وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) يقول تعالى ذكره: وفي الأرض قطع متجاورات: وفي الأرض قطع منها متقاربات متدانيات يقرب بعضها من بعض بالجوار، وتختلف بالتفاضل مع تجاورها وقرب بعضها من بعض، فمنها قطعة سبخة لا تنبت شيئا في جوار قطعة طيبة تنبت وتنفع.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد:
وفي الأرض قطع متجاورات قال: السبخة والعذية، والمالح والطيب.