لطفه وصنعه أنه أخرجني من السجن وجاء بأهلي من البدو بعد الذي كان بيني وبينهم من بعد الدار وبعد ما كنت فيه من العبودة والرق والإسار. كالذي:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إن ربي لطيف لما يشاء لطف بيوسف وصنع له حتى أخرجه من السجن، وجاء بأهله من البدو، ونزع من قلبه نزغ الشيطان وتحريشه على إخوته.
وقوله: إنه هو العليم بمصالح خلقه، وغير ذلك لا يخفى عليه مبادي الأمور وعواقبها. الحكيم في تدبيره. القول في تأويل قوله تعالى:
(رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين) يقول تعالى ذكره: قال يوسف بعد ما جمع الله له أبويه وإخوته، وبسط عليه من الدنيا ما بسط من الكرامة، ومكنه في الأرض، متشوقا إلى لقاء آبائه الصالحين: رب قد آتيتني من الملك يعني: من ملك مصر، وعلمتني من تأويل الأحاديث يعني من عبارة الرؤيا، تعديدا لنعم الله وشكرا له عليها. فاطر السماوات والأرض يقول: يا فاطر السماوات والأرض، يا خالقها وبارئها، أنت وليي في الدنيا والآخرة يقول: أنت وليي في دنياي على من عاداني وأرادني بسوء بنصرك، وتغذوني فيها بنعمتك، وتليني في الآخرة بفضلك ورحمتك. توفني مسلما يقول: اقبضني إليك مسلما. وألحقني بالصالحين يقول:
وألحقني بصالح آبائي إبراهيم وإسحاق ومن قبلهم من أنبيائك ورسلك.
وقيل: إنه لم يتمن أحد من الأنبياء الموت قبل يوسف. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث... الآية، كان ابن عباس: يقول: أول نبي سأل الله الموت يوسف.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس، قوله: رب قد آتيتني من الملك... الآية، قال: اشتاق إلى لقاء ربه، وأحب أن يلحق به وبآبائه، فدعا الله أن يتوفاه ويلحقه بهم، ولم يسأل نبي قط الموت