حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: وقال لفتيته وهو يكيل لهم: اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون إلي.
فإن قال قائل: ولاية علة أمر يوسف فتيانه أن يجعلوا بضاعة إخوته في رحالهم؟ قيل:
يحتمل ذلك أوجها: أحدها: أن يكون خشي أن لا يكون عند أبيه دراهم، إذ كانت السنة سنة جدب وقحط، فيضر أخذ ذلك منهم به، وأحب أن يرجع إليه. أو أراد أن يتسع بها أبوه وإخوته مع حاجتهم إليه، فرده عليهم من حيث لا يعلمون سبب رده تكرما وتفضلا، والثالث: وهو أن يكون أراد بذلك أن لا يخلفوه الوعد في الرجوع، إذا وجدوا في رحالهم ثمن طعام قد قبضوه وملكه عليهم غيرهم عوضا من طعامهم، ويتحرجوا من إمساكهم ثمن طعام قد قبضوه حتى يؤدوه على صاحبه، فيكون ذلك أدعى لهم إلى العود إليه. القول في تأويل قوله تعالى:
(فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يأبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون) يقول تعالى ذكره: فلما رجع إخوة يوسف إلى أبيهم، قالوا: يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل يقول: منع منا الكيل فوق الكيل الذي كيل لنا، ولم يكل لكل رجل منا إلا كيل بعير، فأرسل معنا أخانا بنيامين يكتل لنفسه كيل بعير آخر زيادة على كيل أباعرنا. وإنا لحافظون من أن يناله مكروه في سفره.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
14885 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا: يا أبانا إن ملك مصر أكرمنا كرامة ما لو كان رجل من ولد يعقوب ما أكرمنا كرامته، وإنه ارتهن شمعون، وقال: ائتوني بأخيكم هذا الذي عكف عليه أبوكم بعد أخيكم الذي هلك، فإن لم تأتوني به فلا تقربوا بلادي. قال يعقوب: هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين قال: فقال لهم يعقوب:
إذا أتيتم ملك مصر فاقرأوه مني السلام، وقولوا: إن أبانا يصلي عليك، ويدعو لك بما أوليتنا.