(هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال.
ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) يقول تعالى ذكره: هو الذي يريكم البرق يعني أن الرب هو الذي يرى عباده البرق. وقوله: هو كناية اسمه جل ثناؤه، وقد بينا معنى البرق فيما مضى وذكرنا اختلاف أهل التأويل فيه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وقوله خوفا يقول: خوفا للمسافر من أذاه. وذلك أن البرق الماء في هذا الموضع، كما:
حدثني المثنى، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أخبرنا موسى بن سالم أبو جهضم، مولى ابن عباس، قال: كتب ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن البرق، فقال: البرق: الماء.
وقوله وطمعا يقول: وطمعا للمقيم أن يمطر فينتفع. كما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا يقول: خوفا للمسافر في أسفاره، يخاف أذاه ومشقته، وطمعا للمقيم يرجو بركته ومنفعته ويطمع في رزق الله.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة:
خوفا وطمعا خوفا للمسافر، وطمعا للمقيم.
وقوله: وينشئ السحاب الثقال: ويثير السحاب الثقال بالمطر، ويبدئه، يقال منه: أنشأ الله السحاب: إذا أبدأه، ونشأ السحاب: إذا بدأ ينشأ نشأ. والسحاب في هذا الموضع وإن كان في لفظ واحد فإنها جمع واحدتها سحابة، ولذلك قال: الثقال، فنعتها بنعت الجمع، ولو كان جاء: السحاب الثقيل كان جائزا، وكان توحيدا للفظ السحاب، كما قيل: جعل لكم من الشجر الأخضر نارا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: