ورسوله مما أعطى يوسف في الدنيا من تمكينه له في أرض مصر. وكانوا يتقون يقول:
وكانوا يتقون الله فيخافون عقابه في خلاف أمره واستحلال محارمه، فيطيعونه في أمره ونهيه. القول في تأويل قوله تعالى:
(وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون).
يقول تعالى ذكره: وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم يوسف، وهم ليوسف منكرون لا يعرفونه. وكان سبب مجيئهم يوسف فيما ذكر لي، كما:
14874 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما اطمأن يوسف في ملكه، وخرج من البلاء الذي كان فيه، وخلت السنون المخصبة التي كان أمرهم بالاعداد فيها للسنين التي أخبرهم بها أنها كائنة، جهد الناس في كل وجه، وضربوا إلى مصر يلتمسون بها الميرة من كل بلدة. وكان يوسف حين رأى ما أصاب الناس من الجهد، قد أسا بينهم، وكان لا يحمل للرجل إلا بعيرا واحدا، ولا يحمل للرجل الواحد بعيرين، تقسيطا بين الناس، وتوسيعا عليهم، فقدم إخوته فيمن قدم عليه من الناس يلتمسون الميرة من مصر، فعرفهم وهم له منكرون، لما أراد الله أن يبلغ ليوسف عليه السلام ما أراد.
14875 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: أصاب الناس الجوع، حتى أصاب بلاد يعقوب التي هو بها، فبعث بنيه إلى مصر، وأمسك أخا يوسف بنيامين فلما دخلوا على يوسف عرفهم وهم له منكرون فلما نظر إليهم، قال:
أخبروني ما أمركم، فإني أنكر شأنكم قالوا: نحن قوم من أرض الشأم. قال: فما جاء بكم؟
جئنا نمتار طعاما. قال: كذبتم، أنتم عيون كم أنتم؟ قالوا: عشرة. قال: أنتم عشرة آلاف، كل رجل منكم أمير ألف، فأخبروني خبركم قالوا: إنا إخوة بنو رجل صديق، وإنا كنا اثني عشر، وكان أبونا يحب أخا لنا، وإنه ذهب معنا البرية فهلك منا فيها، وكان أحبنا إلى أبينا. قال: فإلى من سكن أبوكم بعده؟ قالوا: إلى أخ لنا أصغر منه. قال: فكيف تخبروني أن أباكم صديق وهو يحب الصغير منكم دون الكبير؟ ائتوني بأخيكم هذا حتى أنظر إليه فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون قال: فضعوا بعضكم رهينة حتى ترجعوا فوضعوا شمعون.