حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ولكل قوم هاد قال: داع.
وقد بينت معنى الهداية، وأنه الامام المتبع الذي يقدم القوم. فإذا كان ذلك كذلك، فجائز أن يكون ذلك هو الله الذي يهدي خلقه ويتبع خلقه هداه ويأتمون بأمره ونهيه، وجائز أن يكون نبي الله الذي تأتم به أمته، وجائز أن يكون إماما من الأئمة يؤتم به ويتبع منهاجه وطريقته أصحابه، وجائز أن يكون داعيا من الدعاة إلى خير أو شر.
وإذا كان ذلك كذلك، فلا قول أولى في ذلك بالصواب من أن يقال كما قال جل ثناؤه: إن محمدا هو المنذر من أرسل إليه بالانذار، وإن لكل قوم هاديا يهديهم فيتبعونه ويأتمون به.
القول في تأويل قوله تعالى:
(الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شئ عنده بمقدار) يقول تعالى ذكره: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد منكرين قدرة الله على إعادتهم خلقا جديدا بعد فنائهم وبلائهم، ولا ينكرون قدرته على ابتدائهم وتصويرهم في الأرحام وتدبيرهم وتصريفهم فيها حالا بعد حال. فابتدأ الخبر عن ذلك ابتداء، والمعنى فيه ما وصفت، فقال جل ثناؤه: الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد يقول: وما تنقص الأرحام من حملها في الأشهر التسعة بإرسالها دم الحيض، وما تزداد في حملها على الأشهر التسعة لتمام ما نقص من الحمل في الأشهر التسعة بارسالها دم الحيض. وكل شئ عنده بمقدار لا يجاوز شئ من قدره عن تقديره، ولا يقصر أمر أراده فدبره عن تدبيره، كما لا يزداد حمل أنثى على ما قدر له من الحمل، ولا يقصر عما حد له من القدر والمقدار، مفعال من القدر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن ماهان، قال: ثنا القاسم بن مالك، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام قال: ما رأت المرأة من يوم دما على حملها زاد في الحمل يوما.