صحة قول أهل الاثبات الذين أضافوا أفعال العباد إليهم كسبا، وإلى الله جل ثناؤه إنشاء وتدبيرا، وفساد قول أهل القدر الذين أنكروا أن يكون لله في ذلك صنع.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله:
لتخرج الناس من الظلمات إلى النور: أي من الضلالة إلى الهدى. القول في تأويل قوله تعالى:
(الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد) اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة والشام: الله الذي له ما في السماوات برفع اسم الله على الابتداء، وتصيير قوله: الذي له ما في السماوات خبره.
وقرأته عامة قراء أهل العراق والكوفة والبصرة: الله الذي بخفض اسم الله على اتباع ذلك العزيز الحميد وهما خفض.
وقد اختلف أهل العربية في تأويله إذا قرئ كذلك، فذكر عن أبي عمرو بن العلاء أنه كان يقرؤه بالخفض ويقول: معناه: بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، الذي له ما في السماوات، ويقول: هو من المؤخر الذي معناه التقديم، ويمثله بقول القائل: مررت بالظريف عبد الله، والكلام الذي يوضع مكان الاسم: النعت، ثم يجعل الاسم مكان النعت، فيتبع إعرابه إعراب النعت الذي وضع موضع الاسم كما قال بعض الشعراء:
لو كنت ذا نبل وذا شريب * ما خفت شدات الخبيث الذيب وأما الكسائي فإنه كان يقول فيما ذكر عنه من خفض أراد أن يجعله كلاما واحدا و أتبع الخفض الخفض، وبالخفض كان يقرأه.