وقوله: وهو الواحد القهار يقول: وهو الفرد الذي لا ثاني له، القهار الذي يستحق الألوهة والعبادة، لا الأصنام والأوثان التي لا تضر ولا تنفع. القول في تأويل قوله تعالى:
(أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال) قال أبو جعفر: وهذا مثل ضربه الله للحق والباطل والايمان به والكفر، يقول تعالى ذكره: مثل الحق في ثباته والباطل في اضمحلاله مثل ماء أنزله الله من السماء إلى الأرض فسالت أودية بقدرها يقول: فاحتملته الأودية بملئها الكبير بكبره والصغير بصغره، فاحتمل السيل زبدا رابيا يقول: فاحتمل السيل الذي حدث عن ذلك الماء الذي أنزله الله من السماء زبدا عاليا فوق السيل. فهذا أحد مثلي الحق والباطل، فالحق هو الماء الباقي الذي أنزله الله من السماء، والزبد الذي لا ينتفع به هو الباطل. والمثل الآخر: ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية يقول جل ثناؤه: ومثل آخر للحق والباطل، مثل فضة أو ذهب يوقد عليها الناس في النار طلب حلية يتخذونها أو متاع، وذلك من النحاس والرصاص والحديد، يوقد عليه ليتخذ منه متاع ينتفع به زبد مثله يقول تعالى ذكره:
ومما يوقدون عليه من هذه الأشياء زبد مثله، بمعنى: مثل زبد السيل لا ينتفع به ويذهب باطلا، كما لا ينتفع بزبد السيل ويذهب باطلا. ورفع الزبد بقوله: ومما يوقدون عليه في النار ومعنى الكلام: ومما يوقدون عليه في النار زبد مثل زبد السيل في بطول زبده، وبقاء خالص الذهب والفضة. يقول الله تعالى: كذلك يضرب الله الحق والباطل يقول:
كما مثل الله الايمان والكفر في بطول الكفر وخيبة صاحبه عند مجازاة الله بالباقي النافع من ماء السيل وخالص الذهب والفضة، كذلك يمثل الله الحق والباطل. فأما الزبد فيذهب جفاء يقول: فأما الزبد الذي علا السيل، والذهب والفضة والنحاس والرصاص عند الوقود عليها، فيذهب بدفع الرياح وقدف الماء به وتعلقه بالأشجار وجوانب الوادي.
وأما ما ينفع الناس من الماء والذهب والفضة والرصاص والنحاس، فالماء يمكث في الأرض فتشربه، والذهب والفضة تمكث للناس. كذلك يضرب الله الأمثال يقول: كما مثل هذا المثل للايمان والكفر، كذلك يمثل الأمثال.