ويحتمل وجها ثالثا: وهو أن تكون من جزائية، وتكون مرفوعة بالعائد من ذكره في الهاء التي في رحله، والجزاء الأول مرفوعا بالعائد من ذكره في وجد، ويكون جواب الجزاء الفاء في فهو. والجزاء الثاني مرفوع ب " هو، فيكون معنى الكلام حينئذ: قالوا:
جزاء السرق من وجد السرق في رحله، فهو ثوابه يسترق ويستعبد. القول في تأويل قوله تعالى: * (فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم) * . يقول تعالى ذكره: ففتش يوسف أوعيتهم ورحالهم طالبا بذلك صواع الملك، فبدأ في تفتيشه بأوعية إخوته من أبيه، فجعل يفتشها وعاء وعاء قبل وعاء أخيه من أبيه وأمه، فإنه أخر تفتيشه، ثم فتش آخرها وعاء أخيه، فاستخرج الصواع من وعاء أخيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ذكر لنا أنه كان لا ينظر في وعاء إلا استغفر الله تأثما مما قذفهم به، حتى بقي أخوه، وكان أصغر القوم، قال: ما أرى هذا أخذ شيئا، قالوا: بلى فاستبره، ألا وقد علموا حيث وضعوا سقايتهم. ثم استخرجها من وعاء أخيه.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتاد، قال: فاستخرجها من وعاء أخيه، قال: كان كلما فتح متاعا استغفر تائبا مما صنع، حتى بلغ متاع الغلام، فقال: ما أظن هذا أخذ شيئا، قالوا: بلى، فاستبره.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي، قال: فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه فلما بقي رحل الغلام، قال: ما كان هذا الغلام ليأخذه. قالوا: والله لا يترك حتى تنظر في رحله، لنذهب وقد طابت نفسك فأدخل يده فاستخرجها من رحله.