والآخر هو الذي وقع عليه الاستفهام كما تقول: أيوم الجمعة زيد منطلق؟ قال: ومن أوقع استفهاما آخر على قوله: أئذا متنا وكنا ترابا؟ جعله ظرفا لشئ مذكور قبله، كأنهم قيل لهم: تبعثون، فقالوا: أئذا كنا ترابا؟ ثم جعل هذا استفهاما آخر. قال: وهذا بعيد. قال:
وإن شئت لم تجعل في قولك: أئذا استفهاما، وجعلت الاستفهام في اللفظ على أئنا، كأنك قلت: أيوم الجمعة أ عبد الله منطلق؟ وأضمر نفيه، فهذا موضع قد ابتدأت فيه أئذا، وليس بكبير في الكلام لو قتل اليوم: أإن عبد الله منطلق لم يحسن، وهو جائز، وقد قالت العرب ما علمت أنه لصالح، تريد: إنه لصالح ما علمت. وقال غيره: أئذا جزاء وليست بوقت، وما بعدها جواب لها إذا لم يكن في الثاني استفهام والمعنى له، لأنه هو المطلوب، وقال: ألا ترى أنك تقول: إن تقم يقوم زيد ويقم من جزم، فلانه وقع موقع جواب الجزاء، ومن رفع فلان الاستفهام له. واستشهد بقول الشاعر:
حلفت له إن تدلج الليل لا يزل * أمامك بيت من بيوتي سائر فجزم جواب اليمين، لأنه وقع موقع جواب الجزاء، والوجه الرفع. قال: فهكذا هذه الآية. قال: ومن أدخل الاستفهام ثانية، فلانه المعتمد عليه، وترك الجزء الأول.
وقوله: أولئك الذين كفروا بربهم يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين أنكروا البعث وجحدوا الثواب والعقاب، وقالوا أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد هم الذين جحدوا قدرة ربهم وكذبوا رسوله، وهم الذين في أعناقهم الأغلال يوم القيامة في نار جهنم.
فأولئك أصحاب النار: يقول: هم سكان النار يوم القيامة، هم فيها خالدون يقول: هم فيها ماكثون أبدا، لا يموتون فيها، ولا يخرجون منها. القول في تأويل قوله تعالى:
(ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب) يقول تعالى ذكره: ويستعجلونك يا محمد مشركو قومك بالبلاء والعقوبة قبل الرخاء والعافية، فيقولون: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء