في يوم عاصف يقول الذين كفروا بربهم وعبدوا غيره فأعمالهم يوم القيامة كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون على شئ من أعمالهم ينفعهم كما لا يقدر على الرماد إذا أرسل عليه الريح في يوم عاصف.
وقوله: ذلك هو الضلال البعيد: أي الخطأ البين البعيد عن طريق الحق. القول في تأويل قوله تعالى:
(ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد ئ وما ذلك على الله بعزيز) يقول عز ذكره لنبيه محمد (ص): ألم تر يا محمد بعين قلبك، فتعلم أن الله أنشأ السماوات والأرض بالحق منفردا بانشائها بغير ظهير ولا معين. إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد يقول: إن الذي تفرد بخلق ذلك وانشائه من غير معين ولا شريك، إن هو شاء أن يذهبكم فيفنيكم أذهبكم وأفناكم، ويأت بخلق آخر سواكم مكانكم، فيجدد خلقهم.
وما ذلك على الله بعزيز يقول: وما إذهابكم وإفناؤهم وإنشاء خلق آخر سواكم مكانكم على الله بممتنع ولا متعذر، لأنه القادر على ما يشاء.
واختلفت القراء في قراءة قوله: ألم تر أن الله خلق فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: خلق على فعل. وقرأته عامة قراء أهل الكوفة خالق على فاعل، وهما قراءتان مستفيضتان قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القراء متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. القول في تأويل قوله تعالى:
(وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شئ قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص) يعني تعالى ذكره بقوله: وبرزوا لله جميعا وظهر هؤلاء الذين كفروا به يوم القيامة من قبورهم فصاروا بالبزار من الأرض جميعا، يعني كلهم. فقال الضعفاء للذين استكبروا يقول: فقال التباع منهم للمتبوعين، وهم الذين كانوا يستكبرون في الدنيا عن