(قالوا أإنك لانت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) يقول تعالى ذكره: قال إخوة يوسف له حين قال لهم ذلك يوسف: إنك لانت يوسف، فقال: نعم أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا بأن جمع بيننا بعد ما فرقتم بيننا. إنه من يتق ويصبر يقول: إنه من يتق الله فيراقبه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه ويصبر، يقول: ويكف نفسه، فيحبسها عما حرم الله عليه من قول أو عمل عند مصيبة نزلت به من الله فإن الله لا يضيع أجر المحسنين يقول: فإن الله لا يبطل ثواب إحسانه وجزاء طاعته إياه فيما أمره ونهاه.
وقد اختلف القراء في قراءة قوله: أئنك لانت يوسف فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار: أئنك على الاستفهام. وذكر أن ذلك في قراءة أبي بن كعب: أو أنت يوسف. وروي عن ابن محيصن أنه قرأ: إنك لانت يوسف على الخبر، لا على الاستفهام والصواب من القراءة في ذلك عندنا، قراءة من قرأه بالاستفهام، لاجماع الحجة من القراء عليه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما قال لهم ذلك، يعني قوله: هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون كشف الغطاء فعرفوه، فقالوا: أئنك لانت يوسف... الآية.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني من سمع عبد الله بن إدريس يذكر، عن ليث، عن مجاهد، قوله: إنه من يتق ويصبر يقول: من يتق معصية الله ويصبر على السجن. القول في تأويل قوله تعالى:
(قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين) يقول جل ثناؤه: قال إخوة يوسف له: تالله لقد فضلك الله علينا وآثرك بالعلم والحلم والفضل، وإن كنا لخاطئين يقول: وما كنا في فعلنا الذي فعلنا بك في تفريقنا بينك وبين أبيك وأخيك وغير ذلك من صنيعنا الذي صنعنا بك، إلا خاطئين: يعنون مخطئين، يقال