(ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب) يقول تعالى ذكره: ولقد أرسلنا يا محمد رسلا من قبلك إلى أمم قد خلت من قبل أمتك فجعلناهم بشرا مثلك، لهم أزواج ينكحون، وذرية أنسلوهم، ولم نجعلهم ملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون، فنجعل الرسول إلى قومك من الملائكة مثلهم، ولكن أرسلنا إليهم بشرا مثلهم، كما أرسلنا إلى من قبلهم من سائر الأمم بشرا مثلهم. وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله: يقول تعالى ذكره: وما يقدر رسول أرسله الله إلى خلقه أن يأتي أمته بآية وعلامة من تسيير الجبال ونقل بلدة من مكان إلى مكان آخر وإحياء الموتى ونحوها من الآيات إلا بإذن الله، يقول: إلا بأمر الله الجبال بالسير والأرض بالانتقال، والميت بأن يحيا. لكل أجل كتاب يقول: لكل أجل أمر قضاه الله كتاب قد كتبه، فهو عنده. وقد قيل: معناه: لكل كتاب أنزله الله من السماء أجل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق بن يوسف، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: لكل أجل كتاب يقول: لكل كتاب ينزل من السماء أجل، فيمحو الله من ذلك ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب.
قال أبو جعفر: وهذا على هذا القول نظير قول الله: وجاءت سكرة الموت بالحق، وكان أبو بكر رضي الله عنه يقرأها: وجاءت سكرة الحق بالموت، وذلك أن سكرة الموت تأتي بالحق والحق يأتي بها، فكذلك الاجل به كتاب وللكتاب أجل.
القول في تأويل قوله تعالى:
(يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: يمحو الله ما يشاء من أمور عباده، فيغيره، إلا الشقاء والسعادة فإنهما لا يغيران. ذكر من قال ذلك: