القول في تأويل قوله تعالى:
(وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال) يقول تعالى ذكره: وأنذر يا محمد الناس الذين أرسلتك إليهم داعيا إلى الاسلام ما هو نازل بهم، يوم يأتيهم عذاب الله في القيامة. فيقول الذين ظلموا يقول: فيقول الذين كفروا بربهم، فظلموا بذلك أنفسهم: ربنا أخرنا: أي أخر عنا عذابك، وأمهلنا إلى أجل قريب نجب دعوتك الحق، فنؤمن بك، ولا نشرك بك شيئا ونتبع الرسل يقولون: ونصدق رسلك فنتبعهم على ما دعوتنا إليه من طاعتك واتباع أمرك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب قال: يوم القيامة فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب قال: مدة يعملون فيها من الدنيا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب يقول: أنذرهم في الدنيا قبل أن يأتيهم العذاب.
وقوله: فيقول الذين ظلموا رفع عطفا على قوله: يأتيهم في قوله: يأتيهم العذاب وليس بجواب للامر، ولو كان جوابا لقوله: وأنذر الناس جاز فيه الرفع والنصب. أما النصب فكما قال الشاعر:
يا ناق سيري عنقا فسيحا * إلى سليمان فنستريحا