بها عليكم أيها الناس، لعلكم بلقاء ربكم توقنون يقول: لتوقنوا بلقاء الله، والمعاد إليه، فتصدقوا بوعده ووعيده، وتنزجروا عن عبادة الآلهة والأوثان، وتخلصوا له العبادة إذا تيقنتم ذلك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: لعلكم بلقاء ربكم توقنون وأن الله تبارك وتعالى إنما أنزل كتابه، وأرسل رسله لنؤمن بوعده، ونستيقن بلقائه. القول في تأويل قوله تعالى:
(وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) يقول تعالى ذكره: والله الذي مد الأرض، فبسطها طولا وعرضا. وقوله: وجعل فيها رواسي يقول جل ثناؤه: وجعل في الأرض جبالا ثابتة والرواسي: جمع راسية، وهي الثابتة، يقال منه: أرسيت الوتد في الأرض: إذا أثبته، كما قال الشاعر:
به خالدات ما يرمن وهامد * وأشعث أرسته الوليدة بالفهر يعني: أثبتته.
وقوله: وأنهارا يقول: وجعل في الأرض أنهارا من ماء. وقوله: ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين ف " من " في قوله ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين من صلة جعل الثاني لا الأول. ومعنى الكلام: وجعل فيها زوجين اثنين من كل الثمرات. وعنى بزوجين اثنين: من كل ذكر اثنان، ومن كل أنثى اثنان، فذلك أربعة من الذكور اثنان ومن الإناث اثنان في قول بعضهم. وقد بينا فيما مضى أن العرب تسمي الاثنين زوجين، والواحد من الذكور زوجا لأنثاه، وكذلك الأنثى الواحدة زوجا وزوجة لذكرها،