(قل من رب السماوات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله من رب السماوات والأرض ومدبرها، فإنهم سيقولون الله. وأمر الله نبيه (ص) أن يقول الله، فقال له:
قل يا محمد: ربها الذي خلقها وأنشأها، هو الذي لا تصلح العبادة إلا له، وهو الله. ثم قال: فإذا أجابوك بذلك فقل لهم: أفاتخذتم من دون رب السماوات والأرض أولياء لا تملك لأنفسها نفعا تجلبه إلى نفسها، ولا ضرا تدفعه عنها، وهي إذ لم تملك ذلك لأنفسها، فمن ملكه لغيرها أبعد فعبدتموها، وتركتم عبادة من بيده النفع والضر والحياة والموت وتدبير الأشياء كلها. ثم ضرب لهم جل ثناؤه مثلا، فقال: قل هل يستوي الأعمى والبصير.
القول في تأويل قوله تعالى: قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار):
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا من دون الله الذي بيده نفعهم وضرهم ما لا ينفع ولا يضر: هل يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئا ولا يهتدي لمحجة يسلكها إلا بأن يهدى، والبصير الذي يهدي الأعمى لمحجة الطريق الذي لا يبصر؟ إنهما لا شك لغير مستويين يقول: فكذلك لا يستوي المؤمن الذي يبصر الحق فيتبعه ويعرف الهدى فيسلكه وأنتم أيها المشركون الذين لا تعرفون حقا ولا تبصرون رشدا.
و قوله: أم هل تستوي الظلمات والنور يقول تعالى ذكره: وهل تستوي الظلمات التي لا ترى فيها المحجة فتسلك ولا يرى فيها السبيل فيركب، والنور الذي يبصر به الأشياء ويجلو ضوءه الظلام؟ يقول: إن هذين لا شك لغير مستويين، فكذلك الكفر بالله، إنما صاحبه منه في حيرة يضرب أبدا في غمرة لا يرجع منه إلى حقيقة، والايمان بالله صاحبه منه في ضياء يعمل على علم بربه ومعرفة منه بأن له مثيبا يثيبه على إحسانه ومعاقبا يعاقبه على إساءته ورازقا يرزقه ونافعا ينفعه.