بالنهار السارب: هو المتواري، كأنه وجهه إلى أنه صار في السرب بالنهار مستخفيا.
وقال بعض نحويي البصرة والكوفة: إنما معنى ذلك: ومن هو مستخف: أي مستتر بالليل من الاستخفاء، وسارب بالنهار: وذاهب بالنهار، من قولهم: سربت الإبل إلى المراعي، وذلك ذهابها إلى المراعي وخروجها إليها. وقيل: إن السروب بالعشي والسروح بالغداة.
واختلفوا أيضا في تأنيث معقبات، وهي صفة لغير الإناث، فقال بعض نحويي البصرة: إنما أنثت لكثرة ذلك منها، نحو: نسابة وعلامة، ثم ذكر لان المعنى مذكر، فقال:
يحفظونه. وقال بعض نحويي الكوفة: إنما هي ملائكة معقبة، ثم جمعت معقبات، فهو جمع جمع، ثم قيل: يحفظونه، لأنه للملائكة. وقد تقدم قولنا في معنى المستخفي بالليل والسارب بالنهار. وأما الذي ذكرناه عن نحويي البصريين في ذلك فقول وإن كان له في كلام العرب وجه خلاف لقول أهل التأويل، وحسبه من الدلالة على فساده خروجه عن قول جميعهم. وأما المعقبات، فإن التعقيب في كلام العرب العود بعد البدء والرجوع إلى الشئ بعد الانصراف عنه، من قول الله تعالى: ولى مدبرا ولم يعقب: أي لم يرجع، وكما قال سلامة بن جندل:
وكرنا الخيل في آثارهم رجعا * كس السنابك من بدء وتعقيب يعني: في غزو ثان عقبوا وكما قال طرفة:
ولقد كنت عليكم عاتبا * فعقبتم بذنوب غير مر يعني بقوله: عقبتم: رجعتم، وأتاها التأنيث عندنا، وهي من صفة الحرس الذي