صولحوا عليه بغير قتال، وليس فيه خمس، هو لمن سمى الله.
وقال آخرون: الغنيمة والفئ بمعنى واحد. وقالوا: هذه الآية التي في الأنفال ناسخة قوله: ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول... الآية. ذكر من قال ذلك:
12486 - حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل قال: كان الفئ في هؤلاء، ثم نسخ ذلك في سورة الأنفال، فقال: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فنسخت هذه ما كان قبلها في سورة الحشر، وجعل الخمس لمن كان له الفئ في سورة الحشر، وسائر ذلك لمن قاتل عليه.
وقد بينا فيما مضى الغنيمة، وأنها المال يوصل إليه من مال من خول الله ماله أهل دينه بغلبة عليه وقهر بقتال. فأما الفئ، فإنه ما أفاء الله على المسلمين من أموال أهل الشرك، وهو ما رده عليهم منها بصلح، من غير إيجاف خيل ولا ركاب. وقد يجوز أن يسمى ما ردته عليهم منها سيوفهم ورماحهم وغير ذلك من سلاحهم فيئا، لان الفئ إنما هو مصدر من قول القائل: فاء الشئ يفئ فيئا: إذا رجع، وأفاءه الله: إذا رده. غير أن الذي ورد حكم الله فيه من الفئ يحكيه في سورة الحشر إنما هو ما وصفت صفته من الفئ دون ما أوجف عليه منه بالخيل والركاب، لعلل قد بينتها في كتابنا: كتاب لطيف القول في أحكام شرائع الدين وسنبينه أيضا في تفسير سورة الحشر إذا انتهينا إليه إن شاء الله تعالى.
وأما قول من قال: الآية التي في سورة الأنفال ناسخة الآية التي في سورة الحشر فلا معنى له، إذ كان لا معنى في إحدى الآيتين ينفي حكم الأخرى. وقد بينا معنى النسخ، وهو نفي حكم قد ثبت بحكم خلافه، في غير موضع بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وأما قوله: من شئ فإنه مراد به كل ما وقع عليه اسم شئ مما خوله الله المؤمنين من أموال من غلبوا على ماله من المشركين مما وقع فيه القسم حتى الخيط والمخيط. كما:
12487 - حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن