وقوله: وأن الله سميع عليم يقول: لا يخفى عليه شئ من كلام خلقه، يسمع كلام كل ناطق منهم بخير نطق أو بشر، عليم بما تضمره صدورهم، وهو مجازيهم ومثيبهم على ما يقولون ويعملون، إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين) *.
يقول تعالى ذكره: غير هؤلاء المشركون بالله المقتولون ببدر، نعمة ربهم التي أنعم بها عليهم، بابتعاثه محمدا منهم وبين أظهرهم، داعيا لهم إلى الهدى، بتكذيبهم إياه وحربهم له. كدأب آل فرعون: كسنة آل فرعون وعادتهم، وفعلهم بموسى نبي الله في تكذيبهم إياه، وتصديهم لحربه وعادة من قبلهم من الأمم المكذبة رسلها وصنيعهم.
فأهلكناهم بذنوبهم بعضا بالرجفة، وبعضا بالخسف، وبعضا بالريح. وأغرقنا آل فرعون في اليم. وكل كانوا ظالمين يقول: كل هؤلاء الأمم التي أهلكناها كانوا فاعلين ما لم يكن لهم فعله من تكذيبهم رسل الله والجحود لآياته، فكذلك أهلكنا هؤلاء الذين أهلكناهم ببدر، إذ غيروا نعمة الله عندهم بالقتل بالسيف، وأذللنا بعضهم بالإسار والسباء. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون) *.
يقول تعالى ذكره: إن شر ما دب على الأرض عند الله الذين كفروا بربهم فجحدوا وحدانيته، وعبدوا غيره. فهم لا يؤمنون يقول: فهم لا يصدقون رسل الله ولا يقرون بوحيه وتنزيله. القول في تأويل قوله تعالى:
* (الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون) *.
يقول تعالى ذكره: إن شر الدواب عند الله الذين كفروا، الذين عاهدت منهم يا محمد، يقول: أخذت عهودهم ومواثيقهم أن لا يحاربوك ولا يظاهروا عليك محاربا لك كقريظة ونظرائهم ممن كان بينك وبينهم عهد وعقد، ثم ينقضون عهودهم ومواثيقهم، كلما عاهدوا دافعوك وحاربوك وظاهروا عليك، وهم لا يتقون الله ولا يخافون في فعلهم ذلك أن