وقال آخرون: معنى ذلك: إلا تناصروا أيها المؤمنون في الدين تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. ذكر من قال ذلك:
12708 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: جعل المهاجرين والأنصار أهل ولاية في الدين دون من سواهم، وجعل الكفار بعضهم أولياء بعض، ثم قال: إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير أن يتولى المؤمن الكافر دون المؤمن. ثم رد المواريث إلى الأرحام.
12709 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج، قوله: إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير قال: إلا تعاونوا وتناصروا في الدين، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بتأويل قوله: والذين كفروا بعضهم أولياء بعض قول من قال: معناه: أن بعضهم أنصار بعض دون المؤمنين، وأنه دلالة على تحريم الله على المؤمن المقام في دار الحرب وترك الهجرة لان المعروف في كلام العرب من معنى الولي أنه النصير والمعين أو ابن العم والنسيب. فأما الوارث فغير معروف ذلك من معانيه إلا بمعنى أنه يليه في القيام بإرثه من بعده، وذلك معنى بعيد وإن كان قد يحتمله الكلام.
وتوجيه معنى كلام الله إلى الأظهر الأشهر، أولى من توجيهه إلى خلاف ذلك.
وإذ كان ذلك كذلك، فبين أن أولى التأويلين بقوله: إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير تأويل من قال: إلا تفعلوا ما أمرتكم به من التعاون والنصرة على الدين تكن فتنة في الأرض، إذ كان متبدأ الآية من قوله: إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله بالحث على الموالاة على الدين والتناصر جاء، وكذلك الواجب أن يكون خاتمتها به. القول في تأويل قوله تعالى:
* (والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم) *.
يقول تعالى ذكره: والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا آووا رسول الله (ص) والمهاجرين معه ونصروهم ونصروا دين الله، أولئك هم أهل الايمان بالله ورسوله حقا، لا من آمن ولم يهاجر دار الشرك وأقام بين أظهر أهل الشرك ولم