ثناؤه: والله ورسوله أحق أن يرضوه بالتوبة والإنابة مما قالوا ونطقوا، إن كانوا مؤمنين يقول: إن كانوا مصدقين بتوحيد الله، مقرين بوعده ووعيده.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
12146 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: يحلفون بالله لكم ليرضوكم... الآية، ذكر لنا أن رجلا من المنافقين قال: والله إن هؤلاء لخيارنا وأشرافنا، وإن كان ما يقول محمد حقا، لهم شر من الحمير قال: فسمعها رجل من المسلمين، فقال: والله إن ما يقول محمد حق، ولانت شر من الحمار فسعى بها الرجل إلى نبي الله (ص)، فأرسل إلى الرجل فدعاه، فقال له: ما حملك على الذي قلت؟ فجعل يلتعن ويحلف بالله ما قال ذلك، قال: وجعل الرجل المسلم يقول: اللهم صدق الصادق وكذب الكاذب فأنزل الله في ذلك: يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم) *.
يقول تعالى ذكره: ألم يعلم هؤلاء المنافقون الذين يحلفون بالله كذبا للمؤمنين ليرضوهم وهم مقيمون على النفاق، أنه من يحارب الله ورسوله ويخالفهما فيناوئهما بالخلاف عليهما، فأن له نار جهنم في الآخرة، خالدا فيها يقول: لابثا فيها، مقيما إلى غير نهاية. ذلك الخزي العظيم يقول: فلبثه في نار جهنم وخلوده فيها هو الهوان والذل العظيم. وقرأت القراء: فأن بفتح الألف من أن بمعنى: ألم يعلموا أن لمن حاد الله ورسوله نار جهنم، وإعمال يعلموا فيها، كأنهم جعلوا أن الثانية مكررة على الأولى، واعتمدوا عليها، إذ كان الخبر معها دون الأولى. وقد كانت بعض نحويي البصرة يختار الكسر في ذلك على الابتداء بسبب دخول الفاء فيها، وأن دخولها فيها عنده دليل على أنها جواب الجزاء، وأنها إذا كانت جواب الجزاء كان الاختيار فيها الابتداء. والقراءة التي لا أستجيز غيرها فتح الألف في كلام الحرفين، أعني أن الأولى والثانية، لان ذلك قراءة الأمصار، وللعلة التي ذكرت من جهة العربية. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون) *.