عليكم أي المشركون الذين لا عهد لهم إلى مدة من أهل العهد العام لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة.
وأما قوله: يرضونكم بأفواههم فإنه يقول: يعطونكم بألسنتهم من القول خلاف ما يضمرونه لكم في نفوسهم من العداوة والبغضاء. وتأبى قلوبهم: أي تأبى عليهم قلوبهم أن يذعنوا لكم بتصديق ما يبدونه لكم بألسنتهم. يحذر جل ثناؤه أمرهم المؤمنين ويشحذهم على قتلهم واجتياحهم حيث وجدوا من أرض الله، وألا يقصروا في مكروههم بكل ما قدروا عليه. وأكثرهم فاسقون يقول: وأكثرهم مخالفون عهدكم ناقصون له، كافرون بربهم خارجون عن طاعته. القول في تأويل قوله تعالى:
* (اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله إنهم ساء ما كانوا يعملون) *.
يقول جل ثناؤه: ابتاع هؤلاء المشركون الذين أمركم الله أيها المؤمنون بقتلهم حيث وجدتموهم بتركهم اتباع ما احتج الله به عليهم من حججه يسيرا من العوض قليلا من عرض الدنيا وذلك أنهم فيما ذكر عنهم كانوا نقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله (ص) بأكلة أطعمهموها أبو سفيان بن حرب.
12826 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا قال: أبو سفيان بن حرب أطعم حلفاءه، وترك حلفاء محمد (ص).
* - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. وأما قوله: فصدوا عن سبيله فإن معناه: فمنعوا الناس من الدخول في الاسلام، وحاولوا رد المسلمين عن دينهم. إنهم ساء ما كانوا يعلمون يقول جل ثناؤه:
إن هؤلاء المشركين الذين وصفت صفاتهم، ساء عملهم الذي كانوا يعملون من اشترائهم الكفر بالايمان والضلالة بالهدى، وصدهم عن سبيل الله من آمن بالله ورسوله أو من أراد أن يؤمن. القول في تأويل قوله تعالى:
* (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون) *.
يقول تعالى ذكره: لا يتقي هؤلاء المشركون الذين أمرتكم أيها المؤمنون بقتلهم