وقيل: إن صهيل الخيل يرهب الجن، وإن الجن لا تقرب دارا فيها فرس.
فإن قال قائل: فإن المؤمنين كانوا لا يعلمون ما عليه المنافقون، فما تنكر أن يكون عني بذلك المنافقون؟ قيل: فإن المنافقين لم يكن تروعهم خيل المسلمين ولا سلاحهم، وإنما كان يروعهم أن يظهر المسلمون على سرائرهم التي كانوا يستسرون من الكفر، وإنما أمر المؤمنون بإعداد القوة لارهاب العدو، فأما من لم يرهبه ذلك فغير داخل في معنى من أمر بإعداد ذلك له المؤمنون، وقيل: لا تعلمونهم، فاكتفي للعلم بمنصوب واحد في هذا الموضع، لأنه أريد لا تعرفونهم، كما قال الشاعر:
فإن الله يعلمني ووهبا * وأنا سوف يلقاه كلانا القول في تأويل قوله تعالى: وما تنفقوا من شئ في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون.
يقول تعالى ذكره: وما أنفقتم أيها المؤمنون من نفقة في شراء آلة حرب من سلاح أو حراب أو كراع أو غير ذلك من النفقات في جهاد أعداء الله من المشركين يخلفه الله عليكم في الدنيا، ويدخر لكم أجوركم على ذلك عنده، حتى يوفيكموها يوم القيامة. وأنتم لا تظلمون يقول: يفعل ذلك بكم ربكم فلا يضيع أجوركم عليه.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
12609 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: وما تنفقوا من شئ في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون: أي لا يضيع لكم عند الله أجره في الآخرة وعاجل خلفه في الدنيا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): وإما تخافن من قوم خيانة وغدرا، فانبذ إليهم على سواء وآذنهم بالحرب. وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وإن مالوا إلى مسالمتك ومتاركتك