يقول تعالى ذكره: أعد الله لرسوله محمد (ص) وللذين آمنوا معه جنات، وهي البساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار. خالدين فيها يقول: لابثين فيها، لا يموتون فيها، ولا يظعنون عنها. ذلك الفوز العظيم يقول: ذلك النجاء العظيم والحظ الجزيل. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وجاء المعذرون من الاعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم) *.
يقول تعالى ذكره: وجاء رسول الله (ص) المعذرون من الاعراب ليؤذن لهم في التخلف. وقعد عن المجئ إلى رسول الله (ص) والجهاد معه الذين كذبوا الله ورسوله وقالوا الكذب، واعتذروا بالباطل فيهم. يقول تعالى ذكره: سيصيب الذين جحدوا توحيد الله ونبوة نبيه محمد (ص) منهم عذاب أليم.
فإن قال قائل: فكيف قيل: وجاء المعذرون وقد علمت أن المعذر في كلام العرب إنما هو الذي يعذر في الامر، فلا يبالغ فيه ولا يحكمه، وليست هذه صفة هؤلاء، وإنما صفتهم أنهم كانوا قد اجتهدوا في طلب ما ينهضون به مع رسول الله (ص) إلى عدوهم، وحرصوا على ذلك، فلم يجدوا إليه السبيل، فهم بأن يوصفوا بأنهم قد أعذروا أولى وأحق منهم بأن يوصفوا بأنهم عذروا. إذا وصفوا بذلك. فالصواب في ذلك من القراءة ما قرأه ابن عباس، وذلك ما:
13273 - حدثنا المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي حماد، قال: ثنا بشر بن عمار، عن أبي روق عن الضحاك، قال: كان ابن عباس يقرأ: وجاء المعذرون مخففة، ويقول: هم أهل العذر.
مع موافقة مجاهد إياه وغيره عليه؟ قيل: إن معنى ذلك على غير ما ذهبت إليه، وإن معناه: وجاء المعتذرون من الاعراب ولكن التاء لما جاورت الذال أدغمت فيها، فصيرتا ذالا مشددة لتقارب مخرج إحداهما من الأخرى، كما قيل: يذكرون في يتذكرون، ويذكر في يتذكر. وخرجت العين من المعذرين إلى الفتح، لان حركة التاء من المعتذرين وهي الفتحة نقلت إليها فحركت بما كانت به محركة، والعرب قد توجه في معنى الاعتذار إلى