عن ابن عباس، قوله: ليواطئوا عدة ما حرم الله يقول: يشبهون.
وذلك قريب المعنى مما بينا، وذلك أن ما شابه الشئ فقد وافقه من الوجه الذي شابهه.
وإنما معنى الكلام: أنهم يوافقون بعدة الشهور التي يحرمونها عدة الأشهر الأربعة التي حرمها الله، لا يزيدون عليها ولا ينقصون منها، وإن قدموا وأخروا فذلك مواطأة عدتهم عدة ما حرم الله. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل) *.
وهذه الآية حث من الله جل ثناؤه المؤمنين به من أصحاب رسوله على غزو الروم، وذلك غزوة رسول الله (ص) تبوك. يقول جل ثناؤه: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله ما لكم أي شئ أمركم، إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله يقول: إذا قال لكم رسول الله محمد: انفروا أي اخرجوا من منازلكم إلى مغزاكم. وأصل النفر: مفارقة مكان إلى مكان لأمر هاجه على ذلك، ومنه نفور الدابة غير أنه يقال من النفر إلى الغزو: نفر فلان إلى ثغر كذا ينفر نفرا ونفيرا، وأحسب أن هذا من الفروق التي يفرقون بها بين اختلاف المخبر عنه وإن اتفقت معاني الخبر فمعنى الكلام: ما لكم أيها المؤمنون إذ قيل لكم:
اخرجوا غزاه في سبيل الله أي في جهاد أعداء الله، اثاقلتم إلى الأرض يقول تثاقلتم إلى لزوم أرضكم ومساكنكم والجلوس فيها. وقيل: اثاقلتم لأنه أدغم التاء في الثاء.
فأحدث لها ألف ليتوصل إلى الكلام بها. لان التاء مدغمة في الثاء، ولو أسقطت الألف وابتدئ بها لم تكن إلا متحركة، فأحدثت الألف لتقع الحركة بها، كما قال جل ثناؤه:
حتى إذا اداركوا فيها جميعا وكما قال الشاعر:
تولي الضجيع إذا ما استافها خصرا * عذب المذاق إذا ما اتابع القبل فهو بني الفعل افتعلتم من التثاقل.
وقوله: أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة يقول جل ثناؤه، أرضيتم بحظ الدنيا