ودرس. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون) *.
يقول تعالى ذكره: ويحلف بالله لكم أيها المؤمنون هؤلاء المنافقون كذبا وباطلا خوفا منكم، إنهم لمنكم في الدين والملة. يقول الله تعالى مكذبا لهم: وما هم منكم أي ليسوا من أهل دينكم وملتكم، بل هم أهل شك ونفاق. ولكنهم قوم يفرقون يقول:
ولكنهم قوم يخافونكم، فهم خوفا منكم يقولون بألسنتهم: إنا منكم، ليأمنوا فيكم فلا يقتلوا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (لو يجدون ملجئا أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون) *.
يقول تعالى ذكره: لو يجد هؤلاء المنافقون ملجأ، يقول: عصرا يعتصرون به من حصن، ومعقلا يعتقلون فيه منكم، أو مغارات وهي الغيران في الجبال، واحدتها:
مغارة، وهي مفعلة من غار الرجل في الشئ يغور فيه إذا دخل، ومنه قيل: غارت العين:
إذا دخلت في الحدقة. أو مدخلا يقول: سربا في الأرض يدخلون فيه، وقال: أو مدخلا... الآية، لأنه من ادخل يدخل. وقوله: لولوا إليه يقول: لأدبروا إليه هربا منكم. وهم يجمحون يقول: وهم يسرعون في مشيهم. وقيل: إن الجماح مشى بين المشيين ومنه قول مهلهل:
لقد جمحت جماحا في دمائهم * حتى رأيت ذوي أحسابهم خمدوا وإنما وصفهم الله بما وصفهم به من هذه الصفة، لأنهم إنما أقاموا بين أظهر أصحاب رسول الله (ص) على كفرهم ونفاقهم وعداوتهم لهم، ولما هم عليه من الايمان بالله وبرسوله لأنهم كانوا في قومهم وعشيرتهم وفي دورهم وأموالهم، فلم يقدروا على ترك