سورة التوبة مدنية وآياتها تسع وعشرون ومائة القول في تفسير السورة التي يذكر فيها التوبة.
* (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين ئ فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين) *.
يعني بقوله جل ثناؤه: براءة من الله ورسوله هذه براءة من الله ورسوله.
فبراءة مرفوعة بمحذوف، وهو هذه، كما في قوله: سورة أنزلناها مرفوعة بمحذوف هو هذه، ولو قال قائل: براءة مرفوعة بالعائد من ذكرها في قوله: إلى الذين عاهدتم وجعلها كالمعرفة ترفع ما بعدها، إذ كانت قد صارت بصلتها وهي قوله: من الله ورسوله كالمعرفة، وصار معنى الكلام: براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين كان مذهبا غير مدفوعة صحته، وإن كان القول الأول أعجب إلي، لان من شأن العرب أن يضمروا لكل معاين نكرة كان أو معرفة ذلك المعاين، هذا وهذه، فيقولون عند معاينتهم الشئ الحسن: حسن والله، والقبيح: قبيح والله، يريدون: هذا حسن والله، وهذا قبيح والله فلذلك اخترت القول الأول. وقال: براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم والمعنى: إلى الذين عاهد رسول الله (ص) من المشركين لان العهود بين المسلمين والمشركين على عهد رسول الله (ص) لم يكن يتولى عقدها إلا رسول الله (ص) أو من يعقدها بأمره، ولكنه خاطب المؤمنين بذلك لعلمهم بمعناه، وأن عقود النبي (ص) على أمته كانت عقودهم، لأنهم كانوا لكل أفعاله فيهم راضين، ولعقوده عليهم مسلمين، فصار عقده عليهم كعقودهم على أنفسهم، فلذلك قال: إلى الذين عاهدتم من المشركين لما كان من عقد رسول الله (ص) وعهده.